مصادر ونوعية مياه الرى لمشروع المليون ونصف المليون فدان

المشروعات الزراعية فى مصر

مرت الزراعة فى مصر بأربعة مراحل رئيسية فى عهد محمد على، وبعد بناء السد العالى، ومشروعات نهاية التسعينات، وأخيراً عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى لزراعة 1,5 مليون فدان، بالإضافة إلى حوالى 2.2 مليون فدان فى مشروع “الدلتا الجديدة”. رغم فقد مصر مايزيد عن نصف مليون فدان من أراضى وادى النيل والدلتا الخصبة نتيجة البناء عليها خلال الخمسين عاما الماضية، خاصة بعد ثورة يناير 2011 نتيجة الانفلات الأمنى وانتشار الفوضى فى ذلك الوقت، إلا أن جهود الحكومات المصرية استمرت فى زيادة الرقعة الزراعية لتحقيق الأمن الغذائى للشعب المصرى حتى وصلت إلى مايقرب من 11 مليون فدان بنهاية 2021 (شكل 1).

شكل (1) تطور مساحة الأراضى الزراعية فى مصر (1961 – 2021).

(المصادر: البنك الدولى ووزارة الزراعة المصرية)

مشروع المليون ونصف المليون فدان

جاء الرئيس السيسى بمشروع استصلاح 4 مليون فدان عام 2014، وتم اطلاق خطة المشروع في عام 2016 لزراعة مليون فدان ازدادت فيما بعد إلى مليون ونصف المليون فدان، وقد أُسندت إدارته إلى شركة الريف المصرى، وهي شركة مساهمة مصرية 100% مكونة من ثلاث مساهمين حكوميين: وزارة المالية، الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية – وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة – وزارة الاسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية.
يتم تنفيذ المشروع على ثلاث مراحل كل منها حوالى نصف مليون فدان. تم اختيار مواقع الأراضى بحيث تكون قريبة من الخدمات ووسائل الإتصال، وقد وقع الإختيار على 13 منطقة مختلفة في ثمانى محافظات لتنفيذ المشروع وهى: الوادي الجديد، قنا، أسوان، مرسى مطروح، جنوب سيناء، الجيزة، المنيا، الإسماعلية (شكل 2). طبقا لموقع المال بناء على تقرير حكومى، أن إجمالي المساحة المنزرعة في المشروع القومي لزراعة المليون ونصف المليون فدان بلغت بنهاية شهر يونيو 2020 نحو 115 ألف فدان، موزعة على خمسة مناطق، فيما بلغ حجم الأراضى المستصلحة بنهاية يونيو 2020 بنفس المناطق الخمس 430 ألف فدان، وبلغ حجم المساحة القابلة للاستصلاح حوالي 481 ألف فدان.

شكل (2): المناطق الزراعية لمشروع المليون ونصف المليون فدان.

(وزارة الموارد المائية والرى)

المساحات التى تم زراعتها هى 35 ألف فدان بمنطقة غرب المنيا، وزراعة 32 ألف فدان في المغرة، و 10 آلاف فدان فى منطقة الطور بجنوب سيناء، و 38 ألف فدان بالفرافرة القديمة، و 475 فدان فى شرق سيوة (شكل 3).

المرحلة الأولى

تضم المرحلة الأولى 9 مناطق تروى بالمياه الجوفية بإجمالى مساحة 500 ألف فدان، ويبلغ إجمالي عدد الآبار 1312 بئراً.
• الفرافرة القديمة (30 ألف فدان) – خزان الحجر الرملى النوبى
• الفرافرة الجديدة (30 ألف فدان) – خزان الحجر الرملى النوبى
• منطقة المغرة (135 ألف فدان) – خزان المغرة (الميوسين)
• امتداد الداخلة (20 ألف فدان) – خزان الحجر الرملى النوبى

شكل (3) مساحة الأراضي المزروعة بمناطق مشروع الـ1.5 مليون فدان حتى يونيو 2021.

(معهد بحوث المياه الجوفية)

بينما توجد مناطق تروى سطحياً ؛ يتم تقسيمها كالتالى:
• قرية الآمل 3,5 ألف فدان (مياه الصرف المعالج من محطة المحسمة)
• توشكى (143 ألف فدان) – مياه بحيرة ناصر
• منطقة غرب المراشدة (43 ألف فدان) – نهر النيل

المرحلة الثانية

تضم المرحلة الثانية 9 مناطق أيضاً بمساحة قدرها حوالى 490 ألف فدان يتم ريها بالمياه الجوفية، ويبلغ إجمالي عدد الآبار 1950 بئراً.
• منطقة الفرافرة القديمة (120 ألف فدان) – خزان الحجر الرملى النوبى
• منطقة الفرافرة الجديدة (40 ألف فدان) – خزان الحجر الرملى النوبى
• منطقة غرب كوم امبو (20 ألف فدان) – خزان الصخور الجيرية المتشققة
• المغرة (35 ألف فدان) – خزان المغرة (الميوسين)
• غرب المنيا (140 ألف فدان) – خزان الصخور الجيرية المتشققة
• شرق سيوة (30 ألف فدان) خزان الحجر الرملى النوبى
• جنوب شرق منخفض القطارة (90 ألف فدان) – خزان المغرة (الميوسين)

المرحلة الثالثة

تشمل المرحلة الثالثة خمس مناطق تروى بالمياه الجوفية، تمتد نحو مساحة 510 ألف فدان، ويبلغ إجمالي عدد الآبار 1849 بئراً. وتقسم كما يلى:
• منطقة الفرافرة القديمة (40 ألف فدان) – خزان الحجر الرملى النوبى
• منطقة الطور بجنوب سيناء (40 ألف فدان) – خزان أودية
• منطقة امتداد جنوب شرق منخفض القطارة (50 ألف فدان) – خزان المغرة (الميوسين)
• منطقة غرب المنيا (250 ألف فدان) – خزان الصخور الجيرية المتشققة
• منطقة غرب المنيا 2 (150 ألف فدان) – خزان الصخور الجيرية المتشققة

الخزانات الجوفية فى مصر

يشكل نهر النيل المصدر الرئيسى للمياه المتجددة فى مصر بنسبة 98% والباقى مياه الأمطار، ويوجد مجموعة من الخزانات الجوفية المتجدد منها سطحى ويعتمد بصفة أساسية على مياه نهر النيل وقنوات الرى والزراعة، والغالبية خزانات جوفية عميقة غير متجددة (شكل 4). يعتمد مشروع 1,5 مليون فدان على المياه الجوفية غير المتجددة بنسبة أكثر من 80%.

1- خزان الحجر الرملى النوبى فى الصحراء الغربية

يمتد خزان الحجر الرملى النوبى فى أربعة دول هى مصر والسودان وليبيا وتشاد، بمساحة قدرها حوالى 2,2 كم2، ولا توجد دراسة دقيقة لتحديد كمية المياة، حيث يقدر المخزون داخل مصر بحوالى 42% من جملة الخزان الكلى، والأكثر تداولاً أن متوسط كمية المياه حوالى 150 مليار م3 (Thorweihe and Heinl, 1996)
ويعتبر هذا الخزان من أكبر الخزانات الجوفية فى العالم، إلا أنه لم يستغل الاستغلال الأمثل نظراً لقلة الدراسات الدقيقة، ولوجود تلك المياه على أعماق كبيرة (100 – 1000 م)، مما يتسبب فى زيادة تكاليف الرفع والضخ، كما ان حساسية الخزان من تغير فى المنسوب والضغط ونوعية المياة مع زيادة سحب المياه عن الحد الآمن تشكل عائقاً فى مزيد من الاستخدامات الزراعية، لذلك فإن ما يتم سحبه سنوياً من تلك المياه نحو 4 مليار م3 لزراعة حوالى مليون فدان فى الواحات المصرية وشرق العوينات، وتبع ذلك بعض المشاكل من انخفاض منسوب المياة والضغط مما أدى إلى استخدام مضخات لرفع وضخ المياه بعد أن كانت الآبار ارتوازية، وظهرت مشاكل نقص الوقود لاستخدامات الرى، واستبدلتها مؤخرا وزارة الرى بالطاقة الشمسية لضمان عدم تشغيل الآبار أكثر من 12 ساعة.
قد يزداد معدل السحب السنوى الى نحو 6 مليار م3/سنة كحد سحب آمن ويحتاج ذلك إلى مزيد من الدراسات الحديثة قبل بدء أى مشروع، كما يجب تفادى الأثار الناتجة عن الإنخفاض المتوقع فى منسوب الخزان الجوفى، وذلك بعدم التوسع فى زراعة المساحات الشاسعة المتقاربة مكانياً الى نظام المزارع محدودة المساحات (2000 – 5000 فدان) وفى أماكن متفرقة وذلك للحفاظ على الخزانات الجوفية لفترات طويلة (على الأقل 50 عاماً).
يتكون خزان الحجر الرملي النوبى من حجر رملى وطفلة وطمي، بسمك يتراوح بين 140-230 متر. كما يتراوح نوع المياه الجوفية من المياه العذبة إلى قليلة الملوحة (140-1400 جزء فى المليون)، وأحياناً وملوحتها أقل من ملوحة مياه النيل خاصة فى واحة سيوة، حيث تتراوح الملوحة بين 120 و300 جزء فى المليون، إلا أنها تحتوى على نسبة عالية من الحديد خصوصاً فى اتجاه الجنوب نحو منخفض الخارجة، حيث تزداد نسبة الحديد فى التكوين الجيولوجى بالوادى الجديد.

شكل (4) الخزانات الجوفية فى مصر(RIGW, 1998).

2- الخزان الجوفى فى وادى النيل فى مصر والدلتا

خزان المياه الجوفية أسفل وادى النيل في مصر والدلتا هو أكبر الخزانات الجوفية المتجددة فى شمال إفريقيا، يمتد الخزان ما بين الجيزة إلى أسوان بطول حوالى 900 كم، وعرض 11 كم، بمساحة حوالى 100 كم2.
ويتكون الخزان الجوفي بالدلتا من رسوبيات العصر الرباعى والثلاثى المتآخر من الرمال والحصى تتخللها راقات طفلية تزداد في اتجاه الشمال. ويتراوح سمك الخزان من 100 م جنوبا الى 1000 م شمالاً.
المصدر الرئيسى لتغذية خزان وادى النيل هو تسرب مياه الرى من قنوات الرى والصرف والحقول الزراعية نتيجة الرى بالغمر، وتقدر الكمية الكلية لتغذية الخزان الجوفى لحوض وادى النيل فى مصر والدلتا حوالى 12 مليار متر مكعب/سنة، يستغل منها حوالى 8 مليار م3.
المياه الجوفية بخزان الدلتا الجوفي ذات نوعية جيدة جداً (الملوحة 300-800 جزء في المليون) في مناطق جنوب الدلتا بينما تتزايد الملوحة مع العمق وشمالاً حيث تتراوح بين 1000-5000 جزء في المليون عند كفر الشيخ في وسط الدلتا والإسماعيلية في شرق الدلتا ودمنهور في غرب الدلتا إلى 30000 جزء في المليون في المناطق القريبة من الساحل.

3- خزان المغرة

يوجد خزان المغرة غرب الدلتا ويمتد لمساحة 50 ألف كم2 نحو منخفض القطارة، . ويتكون من الرمال والحجر الرملي وتداخلات طفلية وسلتية تابعة لعصر الميوسين الأسفل والتي تتحول إلى الطفل بالقرب من ساحل البحر المتوسط و دلتا النيل. يتراوح سمك الخزان من 200 م غرب الدلتا إلى 800 م شرق منخفض القطارة. تبلغ ملوحة الخزان اقل من 500 جزء فى المليون غرب الدلتا (منطقة وادى الفارغ) وتزداد غرباً وشمالاً لتبلغ 10 آلاف جزء في المليون بواحة المغرة على الحافة الشرقية لمنخفض القطارة. وأوضحت الدراسات الهيدروكيميائية أن المياه الجوفية بخزان المغرة هي خليط من مياه حفرية ومياه متجددة حيث تحدث تغذية للخزان من مياه خزان الدلتا بمعدل يتراوح ما بين 50 – 100 مليون متر مكعب سنوياً.

4- خزان الصخور الجيرية المتشققة

يمتد الخزان الجوفي بالصخور الجيرية في منطقة الصحراء الغربية مكوناً هضبة شاسعة من سن الكداب في الجنوب إلى ساحل البحر المتوسط شمالاً ومن غرب حوض نهر النيل شرقاً إلى مشارف الهضبة والتي تحيط بمنخفضات الواحات الخارجة والداخلة غرباً.
المصدر الرئيسى للمياه هو التصاعد الرأسى لمياه خزان الحجر الرملى النوبى الجوفي. وتتراوح الملوحة الكلية لمياه الخزان الجوفي لصخور العصر الكريتاوي العلوي والإيوسين الجيرية ما بين أقل من 1000 جزء في المليون إلى 5000 جزء في المليون في الجزء الجنوبي من الهضبة الشمالية والتي تزداد شمالاً لتصبح 10000 جزء في المليون بالقرب من مشارف السهل الساحلى للبحر المتوسط.

5- خزانات السواحل

تنتشر بعض الخزانات الجوفية فى بعض المناطق الساحلية، وهى خزانات محدودة فى الامتداد الأفقى، ويتم تغذيتها من خلال الأمطار التى تسقط على الشريط الساحلى لتلك المناطق، وخاصة العريش ورفح، وغرب الاسكندرية. وتتراوح الملوحة من 1300 – 4000 جزء فى المليون بمتوسط 3100 جزء فى المليون نتيجة تداخل مياه البحر.

6- آبار المياه الجوفية

يرتبط حفر الآبار الجوفية بوجود دراسات علمية متقدمة للخزان الجوفية فى كل منطقة على حده تعمل على ترشيد استخراج المياه واستدامتها لمدة زمنية لاتقل عن 50 عاما. تم حفر أكثر من 1000 بئر فى مناطق الخزان النوبى فى الأعوام الثلاثة السابقة وهذا يعادل عدد الآبار التى تم حفرها منذ 1961، ومخطط حفر حوالى 5111 بئر لمشروع 1,5 مليون فدان، يجب أن يلتزم المستثمرون بالدراسات والمقننات المائية الموضوعة، ويزرعون محاصيل قليلة الاستهلاك للمياه، وذات انتاجية عالية وعائد مادى كبير يعوض ندرة المياه وتكلفة استخراجها وعدم تجددها.

ملخص

يواجه العالم مع بداية هذا العام 2022 ارتفاع فى أسعار المواد الغذائية، وقد وصل إلى قمته مع اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية فى 24 فبراير 2022، ومع تزايد أسعار المحاصيل الرئيسية مثل القمح ازدادت الإرادة المصرية لتكملة المشروعات الزراعية العملاقة والتى بدأت عام 1996 (توشكى وشرق العوينات وترعة السلام)، والاستمرار فى تنفيذ مشروع المليون ونصف المليون فدان الذى بدأ بعد تولى الرئيس السيسى حكم مصر يونيو 2014، بالإضافة إلى حوالى 2.2 مليون فدان فى مشروع الدلتا الجديدة، والذي يقع في منطقة محور الضبعة، ويشمل منطقة مشروع مستقبل مصر وجنوب الضبعة، وتبلغ مساحة المرحلة الأولى منه نحو مليون فدان.
تهدف هذه المقالة إلى التعرف على مصادر الموارد المائية المتاحة ونوعيتها لتلبية احتياجات مشروع المليون ونصف المليون فدان، وتوزيعه فى أماكن متعددة داخل الأراضى المصرية، والتى تعتمد بنسبة 80% على المياه الجوفية غير المتجددة، والباقى على مياه سطحية من نهر النيل.

المراجع / المصادر

• وزارة الموارد المائية والرى
• معهد بحوث المياه الجوفية – وزارة المموارد المائية والرى
• وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى
• البنك الدولى
• عباس شراقى (2017) الأمن المائى فى وادى النيل: الواقع والمستقبل، مؤتمر “الموارد المائية فى الوطن العربى بين المعوقات وآفاق التنمية”، 10-12 ديسمبر 2017، كلية الآداب – جامعة المنوفية

• Thorweihe, U., and Heinl, M., 1996, Groundwater resources of the Nubian aquifer system. Technical University of Berlin, Germany. 95 p.
• https://almalnews.com

أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية-كلية الدراسات الأفريقية العليا – جامعة القاهرة

Subscribe
نبّهني عن
guest
1 تعليق
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
20bet

I am currently writing a paper and a bug appeared in the paper. I found what I wanted from your article. Thank you very much. Your article gave me a lot of inspiration. But hope you can explain your point in more detail because I have some questions, thank you. 20bet