تمهيد

الزراعة بصفة عامة مهنة ذات طبيعة تنافسية. كذلك الأرض عامل أساسى فى الإنتاج وتشكل نسبة كبيرة من رأس المال الثابت. وكذلك فالمنتجات الزراعية تتسم بأن إنتاجها موسمى فى حين أن استهلاكها يتم على مدار العام. وإذا ما أخذنا طبيعة هذه المنتجات فى الاعتبار من ناحية عدم التجانس النسبى وسرعة العطب والتلف، فإن هذا يزيد من أهمية عمليات النقل والتخزين والحفظ وغيرها. كذلك فإن المنتجات الزراعية بصفة عامة تتسم بضعف مرونة الطلب والعرض السعرية. ويرجع السبب الرئيسى فى ضعف مرونة الطلب السعرية فى أن السلع الزراعية فى مجموعها سلعاً ضرورية وليس لها بدائل جيدة فى مجموعها. أما ضعف أو إنخفاض مرونة العرض السعرية فهى ترجع أساساً إلى طبيعة الإنتاج الزراعى والسابق الإشارة إليها.
وبذلك فالزراعة من أكثر الأنشطة الإنتاجية التى تتأثر بالظروف الغير منظورة سواء كان ذلك فى كمية الإنتاج أو فى الأسعار أو غيرها.
يتمز الإنتاج الزراعى بأنه يحدث فى ظروف لا يمكن أن يتحكم فيها الإنسان تحكماً تاماً كما يحدث فى معظم أنواع الإنتاج الصناعى وعلى ذلك فالقرارات المزرعية تتخذ فى معظم الأحيان فى ظروف اللايقين وبالتالى يواجه المنتج الزراعى نوعين من الظروف التى تؤثر على خططه فى المستقبل.

تعريف المخاطرة واللايقين

– المخاطرة: تشير إلى التغيرات أو الأحداث المستقبلية التى يمكن تحديدها أو قياسها بطريقة عملية وكمية، وبمعنى آخر فالمخاطرة تعنى الأحداث التى يمكن التنبؤ بها.
– اللايقين: بأنه لا يمكن فيه تحديد إحتمال وقوع الحدث بطريقة عملية أو كمية ويشتمل على كل الظروف التى يجب أن توضع القرارات الإنتاجية فى ضوئها وذلك فى وجود معلومات غير كاملة عن المستقبل.
وأيضا تختلف قدرة الافراد على استقراء الاحداث المستقبلية، فقد يرى شخص ما أن حدث ما ينطوى على لا يقين كامل، فى حين يراه شخص آخر من وجهة نظر مخالفة، حيث أن لديه فكرة معينة عن صفات الحدث أو نمط حدوثه، وهذا قد يؤكد حدوثه مستقبلا.
وتؤثر الاحداث الغير منظورة أو المعرفة الغير كاملة على استخدام وتوزيع الموارد، فقد يترتب عليها حالات الاستخدام الغير كاملة وكذلك سوء توزيع الموارد من الانشطة الانتاجية، وتظهر هذه المشكلة خاصة فى توزيع واستخدام رأس المال.
وتبرز أهمية الإدارة فى مواجهة وتوقع تلك الأحداث. فأهم وظائف الإدارة تتعلق بدراسة موارد المزرعة والاسعار والغلات وتصميم السياسات الاستغلالية والإنتاجية.
وقد أكدت الكثير من المشاكل التى تواجهه الزراعة الآن عدم الدراسة الكاملة للأحداث المستقبلية وكذلك قصور المعلومات– فمثلاً فى الانتاج الداجنى، قد وجهت كل من الدولة والمستثمرين آلاف الملايين من الجنيهات. وأنشأت الطاقات الإنتاجية ذات السعات المختلفة. لكن هذه الصناعة لم تكن قادرة على مواجهة التغيرات السعرية التى حدثت فى منتصف الثمانينات من هذا القرن. ولا تختلف الاستثمارات فى الزراعة المحمية أو غيرها عن هذا الوضع. بل قد خرج الكثير من المنتجين من حلبة الإنتاج لإنخفاض الايراد عن متوسط التكاليف الثابتة، وهذا يؤكد أهمية الإدارة من ناحية، وأهمية دراسة الاحداث الغير منظورة من ناحية أخرى.
ولا يعنى ذلك أن تكون النتيجة المباشرة لذلك هو عدم تحديث الزراعة أو التخوف من الاسستثمارات فيها أو عدم تطوير وتحديث السعات الانتاجية الحالية. بل يعنى دراسة الاحداث بصورة جييدة – وتنمية الطاقات الإدارية والعناية بالبرامج التعليمية والتدريبية. وكذلك حسن التخطيط والدراسة للمشروعات الجديدة. فببساطة لو أصبح جميع الافراد كارهين للمخاطرة فإن ذلك سوف يقضى على كثير من الانشطة الإنتاجية وسوف يترتب عليه أيضا سوء توزيع واستخدام الموارد.

 

أولا - اللايقين من الناحية السعرية

فالمزارع فى ظل سيادة المنافسة الحرة يقبل سعر السوق ولا يحدده وذلك لأنه فى النهاية ضعيف بالنسبة لطاقة السوق ككل. وبذلك فالاجدى له أن يقبل السعر القائم فى السوق السوداء سواء كان ذلك فى أثمان عناصر التى يشتريها أو أثمان منتجاته. وجدير بالملاحظة أن كثير من أثمان عناصر الإنتاج وأثمان المنتجات محددة جبريا للمزارع من قبل الدولة. وبذلك يكون لا يقين السعر فى تلك المنتجات وخدمات الموارد والتى لا تحددها الدولة. وأبسط الأمثلة على تقلب الاسعار، تقلب اسعار الطماطم مثلا من موسم زراعى إلى آخر وهذا يرجع أساساً إلى طبيعة إنتاج هذا المحصول والتى تتم بالتباين الشديد.

ثانيا - اللايقين من ناحية الغلة:

ويرجع ذلك أساساً إلى العوامل الخارجية والتى لا يمكن التحكم فيها كالظروف الجوية والآفات الحشرية. وقد سبق أن أشرت فى بداية هذا الباب إلى أن الزراعة مهنة مفتوحة – بعكس الصناعة مثلاً والتى يسودها التحكم الكامل – وبالتالى فالإنتاج الزراعى من أكثر الأنتجة تعرضا لهذه الظروف. وبذلك فمن المعلوم أن غالبية المنتجات الزراعية تتسم بالتباين الشديد من حيث الغلة.

ثالثا - اللايقين من الناحية التكنولوجية

وهذا النوع من عدم التأكد يرجع إلى عدم قدرة المزارع الفرد على التنبؤ باستخدام تكنولوجى معين– ويؤثر ذلك على علاقات المدخلات والمخرجات وطبيعة النشاط الانتاجى، ومدى قدرة المنتج على الاستمرار فى الصناعة. وقد حددت هذا المضمون فيما سبق كمثال الزراعة المحمية مثلاً.

وليست هذه الانواع من المعرفة الغير كاملة فقط، فهناك أيضا– على مستوى الدولة– لا يقين التجارة الخارجية. فبعد زيادة الاعتماد على الخارج مثلاً زادت مخاطر السوق العالمى، وخاصة بعد انتهاج الدول المصدرة كالولايات المتحدة الامريكية على استخدام الغذاء كسلاح اقتصادى. وقد أصبح واضحاً أن على الدولة النامية بصفة عامة محاولة توفير غذائها وذلك عن طريق تنمية مواردها الانتاجية ورفع كفاءة المتاح من الموارد وذلك لتجنب هذه المخاطر.

وظيفة الإدارة فى ظل ظروف اللايقين

للإدارة وظيفتين محددتين هما التنظيم والرقابة أو الأشراف وتنشأ وظيفة التنظيم الإدارة كضرورة حتمية لمواجهة استمرار حدوث التغير وعدم المقدرة على التنبؤ بالمستقبل بدرجة مؤكدة، أما الوظيفة الأخرى للإدارة فهى الرقابة وهى نشاط أقل فى الأهمية من التنظيم وعلى ذلك ان الوحدة التنظيمية أو التنسيق تقوم بالوظائف التالية:
(1) إجراء توقعات عن الأحوال المنتظر سيادتها فى الأسعار والإنتاج ويتم ذلك قبل البدء فى الاستثمار وحتى قبل وضع الخطط الإنتاجية.
(2) وضع الخطط الإنتاجية بما يتفق مع هذه التوقعات وهذه هى مرحلة وضع القرارات.
(3) وضع الخطة الإنتاجية موضع التنفيذ.
(4) تحمل النتائج المترتبة على تنفيذ الخطة

الملخص

– المخاطرة: تشير إلى التغيرات أو الأحداث المستقبلية التى يمكن تحديدها أو قياسها بطريقة عملية وكمية، وبمعنى آخر فالمخاطرة تعنى الأحداث التى يمكن التنبؤ بها.
– اللايقين: بأنه لا يمكن فيه تحديد إحتمال وقوع الحدث بطريقة عملية أو كمية ويشتمل على كل الظروف التى يجب أن توضع القرارات الإنتاجية فى ضوئها وذلك فى وجود معلومات غير كاملة عن المستقبل.
وأيضا تختلف قدرة الافراد على استقراء الاحداث المستقبلية، فقد يرى شخص ما أن حدث ما ينطوى على لا يقين كامل، فى حين يراه شخص آخر من وجهة نظر مخالفة، حيث أن لديه فكرة معينة عن صفات الحدث أو نمط حدوثه، وهذا قد يؤكد حدوثه مستقبلا.
للإدارة وظيفتين محددتين هما التنظيم والرقابة أو الأشراف وتنشأ وظيفة التنظيم الإدارة كضرورة حتمية لمواجهة استمرار حدوث التغير وعدم المقدرة على التنبؤ بالمستقبل بدرجة مؤكدة، أما الوظيفة الأخرى للإدارة فهى الرقابة وهى نشاط أقل فى الأهمية من التنظيم.

المراجع / المصادر

  • كتاب اقتصاديات وإدارة مزارع. كلية الزراعة– جامعة القاهرة

استاذ  مساعد الاقتصاد الزاعى – كلية الزراعة – جامعة القاهرة

اضغط هنا لعرض السيرة الذاتية وباقى المقالات للمؤلف

استاذ الاقتصاد الزاعى – كلية الزراعة – جامعة القاهرة

اضغط هنا لعرض السيرة الذاتية وباقى المقالات للمؤلف

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments